للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس السبب في تسميتها ناقصة أنها تتجرد للزمان وحده ولا تدل معه على حدث (معنى) كما يقول بعض النحاة وقد أشار إلى ذلك بإيجاز طيب ومنطق مقبول سليم الأمير على المغني في الباب الثالث [٣٠] ...

فإذا استعملنا الأفعال الأخيرة بمعنى النقصان فلها أحكام تخصها في باب كان وأخواتها فهي تفيد مع معمولها اتصاف اسمها بمعنى خبرها اتصافا يتحقق مساء في أمسى ويتحقق صباحا في أصبح ويتحقق وفي وقت الضحى من أضحى.

هذا وقد وردت أصبح وأمسى زائدتين في كلام عربي قديم نصه:

(الدنيا ما أصبح أبردها، وما أمسى أدفأها) وهذا لا يقاس عليه.

وقد جاء أفعل بمعنى الدخول في القرآن الكريم ومن شواهد ذلك قوله تعالى: {فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ} أي داخلين في وقت الشروق فهي كأصبح إذا دخل في وقت الصباح، وقال أبو عبيدة المتوفى سنة ٢١١ هجري فأتبعوهم نحو الشرق فهو كأنجد إذا قصد نجدا [٣١] .

ومن قوله تعالى: {إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ} الهمزة في أصعد للدخول أي دخلتم في الصعيد وذهبتم فيه كما تقول أصبح زيد إذا دخل في الصباح فالمعنى إذ تذهبون في الأرض [٣٢] .

ومنه قوله تعالى: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} أي داخلون في الظلام كما تقول أعتمنا وأسحرنا أي دخلنا في العتمة والسحر [٣٣] .

ومنه قوله تعالى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} أي آت بما يلام عليه يقال ألام فلان إذا فعل ما يلام عليه وفي البيضاوي وهو مليم أي داخل في الملامة يعني بناء أفعل للدخول في الشيء نحو أحرم إذا دخل في الحرم [٣٤] .

ومنه قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً} من أعصرت أي دخلت في حين العصر فحان لها أن تعصر [٣٥] .

المعنى الثالث (لأفعل) التعريض فتفيد الهمزة أنك جعلت ما كان مفعولا معرضا لأن يقع عليه الحدث سواء صار مفعولا له أم لا.