وليس المقصود من الدعوة والجهاد هو سفك الدماء وأخذ المال واستراق النساء والذرية، وإنما يجيء ذلك بالعرض لا بالقصد الأول؛ وذلك عند امتناع الكفار من قبول الحق وإصرارهم على الكفر، وعدم إذعانهم للصغار وبذل الجزية حيث قبلت منهم، فعند ذلك شرع الله للمسلمين قتالهم، واغتنام أموالهم واسترقاق نسائهم وذرياتهم، ليستعينوا بهم على طاعة الله، ويعلموهم شرع الله، وينقذونهم من موجبات العذاب والشقاء، ويريحوا أهل الإسلام من كيد المقاتلة وعدوانهم، ووقوفهم حجر عثرة في طريق انتشار الإسلام، ووصوله إلى القلوب والشعوب.
ولا ريب أنّ هذا من أعظم محاسن الإسلام التي يشهد له بها أهل الإنصاف والبصيرة من أبنائه وأعدائه، وذلك من رحمة الله الحكيم العليم الذي جعل هذا الدين الإسلامي دين رحمة وإحسان وعدل ومساواة يصلح لكل زمان ومكان، ويفوق كل قانون نظام.
ولو جمعت عقول البشر كلهم وتعاضدوا على أن يأتوا بمثله أو أحسن منه لم يستطيعوا إلى ذلك من سبيل، فسبحان الذي شرعه ما أحكمه وأعدله، وما أعلمه بمصالح عباده، وما أبعد تعاليمه من العبث وما أقربها من العقول الصحيحة والفطر السليمة.
فيا أيها الأخ المسلم، ويا أيها العاقل الراغب في الحق تدبر كتاب ربك وسنة نبيك صلى الله عليه وسلم وادرس ما دلا عليه من التعاليم القويمة والأحكام الرشيدة والأخلاق الفاضلة تجد ما يشفي قلبك ويشرح صدرك ويهديك سواء السبيل.