في الإصحاح: ٣٥/ من رؤى أشعياء يعرض هذا النبي صورة رائعة الوضوح والجلال للحدث العظيم الذي أطل على الدنيا ببعث محمد (صلى الله عليه وسلم) فيرينا معالم الخير الذي غمر الجزيرة العربية، والحضارة المثلى التي نشرها الإسلام، لا في الإنسان وده بل في كل شيء.
فلنستمع إليه يفصل مرئيا ته من وراء أكثر من ألف سنة قبل بعثة ذلك المنقذ العالمي الذي اصطفاه الله رحمة للعالمين:
يقول أشعياء:"تفرح البرية والأرض اليابسة، ويبتهج القفر ويزهر كالنرجس، يزهر إزهارا ويبتهج ابتهاجا ويرنمّ.
يدفع إليه مجد لبنان بهاء كرمل وشارون، هو يرون مجد الرب بهاء إلهنا.
شدّدوا الأيادي المسترخية والركب المرتعشة ثبوتها. قولوا لخائفي القلوب تشددوا لا تخافوا هو ذا إلهكم. الانتقام يأتي جزاء الله هو يأتي ويخلصكم.
حينئذ تتفتح عيون العمي، وآذان الصم تتفتح، حينئذ يقفز الأعرج كالأيل، ويترنم لسان الأخرس، لأنه قد انفجرت في البرية مياه وأنهار في القفر ويصير السراب أجما، والمعطشة ينابيع ماء.
في مسكن الذئاب، في مربضها دار للقصب والبَرْدِيّ.
وتكون هناك سكة وطريق يقال لها الطريق المقدسة، لا يعبر فيها نجس، بل هي لهم.
من سلك في الطريق حتى الجهال لا يضل.
لا يكون هناك أسد، وحش مفترس لا يصعد إليها، بل يسلك المفديّون فيها، ومفديو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بترنم وفرح، فرح أبديّ على رؤسهم.. ابتهاج وفرح يدر كانهم، ويهرب الحزن والتنهد [٢٢] ".
إن أشعياء يصوغ مرئياته السعيدة هذه في أسلوب شعري يترقرق بالفرح والبهجة، فلا يتمالك أن يسكب من مشاعره على الأرض اليابسة فإذا هي تموج بمثل فرحه وبهجته.. حتى ليرى كل شيء فيها يضحك ويزهر ويغني ...
ولم كل ذلك؟ ...
لأن انقلاب خارقا قد غيّر مسيرة الحياة فاستبدلت بكآبة الشقاء والضياع هداية السماء التي ملأت الأرض بنور الله.