ثم تأتي زمرة فاسقة من اليهود والنصارى لكي تشوه هذه الحقيقة الناصعة البيضاء التي يقول عنها عليه الصلاة والسلام في حديثه المبارك الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده وابن ماجه في سننه وذلك بإسناد حسن. قال الإمام أحمد [١] حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا معاوية –يعني ابن صالح- عن ضمرة بن حبيب عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي أنه سمع العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت من العيون ووجلتا منها القلوب قلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال:"قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا عضوا عليها بالنواجذ فإنما المؤمن كالجمل الآنف حيثما انقيد انقاد".
وللحديث شواهد كثيرة منها ما أخرجه ابن ماجه [٢] في المقدمة من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه وفيه: "وأيم الله لقد تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء" قال أبو الدرداء: صدق، والله رسول الله صلى الله عليه وسلم تركنا، والله على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء.
قلت: وكيف لا؟ وقد قال جل وعلا في كتابه الحكيم:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ}(المائدة: ٣) .
وسوف يأتي تفسير هذه الآية الكريمة في نهاية الموضوع إن شاء الله تثبيتا لعقيدة السلف الصالح وتأييدا لها.