للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الموضع الأول: "إن الجن ورد في آية الأحقاف: {وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ} بمعنى فريق من الناس غير معهود للرسول صلى الله عليه وسلم فهل يصح أن يسمى الإنسان من يقابلهم لأول مرة جنا؟ وإذا كان هذا الإطلاق سائغا فلماذا لم نجده في كلام العرب وأشعارهم؟ وكيف يكون الفريق المذكور من الأوس والخزرج وهما القبيلتان المعروفتان المشهورتان في جزيرة العرب وخارجها ومع ذلك يصح أن يطلق على وفدهما لفظ الجن؟ ولماذا لم يطلق على غيرهما من وفود العرب الذين التقى بهم الرسول صلى الله عليه وسلم ودعاهم للإسلام مع أن هذه الوفود لم تكن في مستوى الأوس والخزرج مكانة ولا شهرة؟! على أن تفسير الدكتور ((للجن)) في هذه الآية لا يقره المفسرون الأقدمون ولا المحدثون فكيف يكون تأويله وحده هو الصحيح، ويكون تأويل كل المفسرين باطلا؟ فالمراد بالجن هنا عالم المخلوقات التي لا نراها والتي حدثنا عنها الكتاب الكريم والسنة النبوية الصحيحة. وهذا المعنى للجن مما تعارفت عليه لغة العرب بل وعقائدهم، فعلام يستند الدكتور في نفيه لوجود الجن؟ أعلى أنه لا يراهم؟ وهل تعتبر الرؤيا دليلا حاسما على وجود الشيء أو عدمه؟ وهل يقر الدكتور ((بموضوعية)) هذا المنهج القائم على إنكار وجود كل ما لا يرى والدكتور في تفسيره يعترف بوجود الملائكة فهل رأى الدكتور يوما واحدا منهم؟ أما الموضع الثاني والذي يقول غيه الدكتور: إن المراد بالجنة – بكسر الجيم - في قوله تعالى: {وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً} الملائكة فإن كثيرا من المفسرين يوافقونه على ما ذهب إليه ولكن تأويل كلمة الجن هنا بالملائكة لا يمنع أن تأتي في آية أخرى بمعنى آخر.