للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهكذا يقلب الدكتور المعاني قلبا وبصورة مدهشة وكأنها السحر فيحول مدة ارتداد الطرف إلى زمن أطول وأكثر تراخيا من مدة انعقاد الاجتماع وإلى حين انفضاضه! وقد قلت – فيما سبق - معنى العرش إلى خريطة مرسومة لمملكة سبأ ومن الحق أن نسأل الدكتور من أي كتاب من كتب اللغة أتى بهذا المعنى المبتكر للعرش؟ أم أن الاستعمال مجازي؟ وإذا كان مجازيا فما العلاقة؟ وهل ظهر للدكتور كيف أن سياق الكلام يأبى ويرفض تأويله الجديد للعرش؟ ونلاحظ هنا أنه يخاطب جماعة مع أن الذي تصدى لرسم الخريطة كان واحدا معينا وهو الذي عنده علم من الكتاب، ألا ينبه هذا الدكتور إلى ما في تأويله من خطأ ظاهر؟! ولم طلب سليمان عليه السلام تغيير معالم خريطة هامة كهذه، وكيف سيستعين بها بعد هذا التغيير؟ أليس المناسب في مثل هذه الحالة أن يحفظ هذه الخريطة في مكان آمن شأن الأوراق السرية الهامة التي لا يفرط فيها القائد المحنك؟ ولماذا عرض هذه الخريطة – وهي سر من أسراره الحربية - على بلقيس ملة أعدائه فور حضورها؟ وكيف يعرضها عليها مهما كان السبب قبل أن يستيقن من استسلامها لا سيما وقد ظهر له ما تتمتع به من حيلة ودهاء، إن هذا التأول فوق أنه لا يستند على إثارة من علم تأويل لا يقبله العقل ولا يكون عناء وتكلفا جشمنا إياه الدكتور ليؤيد تفسيره الموضوعي الذي ينادي بإنكار وجود الجن.


[١] راجع اللسان مادة (جنن) والقاموس المحيط الجزء الرابع الطبعة الثانية المطبعة الحسينية المصرية صفحة ٢١٠ -٢١١. والصحاح للجوهري الجزء الخامس دار الملايين صفحة ٢٠٩٣. ومختار الصحاح للرازي الطبعة الأولى دار الكتاب العربي مادة جنن صفحة ١١٣ -١١٤.
[٢] ابن كثير في تفسير سورة الجن والطبري أيضا.