والمعنى على ما ذكره الإمام الشوكاني: أن الله أمر المؤمنين أن ينفقوا من جيد كسبهم ومختاره، وهو الحلال، وكذلك من طيبات ما أخرج سبحانه لهم من الأرض من نباتات ومعادن وركاز، ولا يقصدوا المال الرديء الخبيث لينفقوا منه، فهم أنفسهم يرفضون قبوله في تعاملهم، إلا تساهلا ورضى ببعض الحق [٤] ، فالله غني عن جميع المخلوقين، وهو الغني عن نفقات المنفقين وعن طاعات الطائعين، وإنما أمرهم بها وحثهم عليها لنفعهم ومحض فضله وكرمه عليهم، ومع كمال غناه وسعة عطاياه، فهو (الحميد) فيما يشرعه لعباده من الأحكام الموصلة لهم إلى دار السلام، والحميد في أفعاله التي لا تخرج عن الفضل والعدل والحكمة، والحميد في صفاته لأن صفاته كلها محاسن وكمالات لا يبلغ العباد كنهها ولا يدركون وصفها [٥] . والمعنى على قول صاحب صفوة التفاسير أن الله سبحانه غني عن نفقاتهم حميد يجازي المحسن أفضل الجزاء [٦] .
واقترن اسم (الحميد) باسم الغني (الغني) سبحانه كذلك في مثل قوله تعالى: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً}(النساء آية١٣١) .
ومعنى هذه الآية: على ما ذكره الحافظ ابن كثير أن الله تعالى مالك السماوات والأرض، وأنه الحاكم فيهما، وأنه وصى المؤمنين، بما وصى به الذين أوتوا الكتاب من قبلهم من تقوى الله تعالى بعبادته وحده لا شريك له، وأنهم لم كفروا فإنه سبحانه غني عن عباده، حميد أي محمود في جميع ما يقدره ويشرعه [٧] .