٤_ حديث حمزة بن عمرو الأسلمي وقد جاء فيه قوله صلى الله عليه وسلم:"هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه"..
فتحسينه صلى الله عليه وسلم لجانب الفطر، واكتفاؤه بنفي الجناح عن الصوم، إشارة واضحة إلى أفضلية الفطر على الصوم..
وقد نوقش هذا الاستدلال، بأن التحسين هو بالنسبة لمن كان لا يتيسر له الصيام بحيث يشعر معه بمشقة أو ضرر، فمثل هذا الفطر في حقه حسن. أما من كان يحتمله مع شيء من المشقة، ومع ذلك ترك الرخصة وصام فإنه لا جناح عليه..
٥_ ما جاء في حديث جابر "ليس البر أن تصوموا في السفر" من زيادة عن طريق يحي بن أبي كثير بلفظ: "عليكم برخصة الله الذي رخص لكم".
فهذا الأمر وإن لم يكن مقتضيا للوجوب، لكنه يعتبر إرشادا واضحا من الرسول عليه الصلاة والسلام، إلى أفضلية الأخذ بالرخصة التي تقتضي الفطر. وعليه فيكون الفطر أفضل من الصيام.
ويناقش هذا الاستدلال، بما قلنا سابقا نقلا عن الإمام مسلم بن الحجاج في صحيحه، من أن هذه الزيادة غير محفوظة.
ويمكن أن يجاب عن هذه المناقشة، بأن هذه الزيادة قد رواها النسائي عن طريق الأوزاعي عن يحي بن أبي كثير أيضا بلفظ "وعليكم برخصة الله الذي رخص لكم فاقبلوها"[٢٧] وقد قال ابن القطان: إسنادها حسن متصل، كما رواها ابن حزم واحتج بها [٢٨] فالله أعلم بالصواب.
من يرى أن أيسر الأمرين أفضلهما:
نسب إلى مجاهد وعمر بن عبد العزيز وقتادة القول: بأن الأفضل من الصيام أو الفطر هو الأيسر والأسهل، أي أن من وجد لديه قوة على الصيام ولم يتضرر منه، فإن الصيام في حقه أفضل.
ومن كان يشق عليه أو يترتب عليه ضرر منه، فإن الفطر في حقه أفضل. وقد اختار هذا القول ابن المنذر [٢٩] .