للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستدل المانعون بقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " [٢٣] . والنجس حرام فلا يتداوى به لأنه غير شفاء.

قال الحافظ ابن حجر: "إن قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم. محمول على حالة الاختيار. وأما في حال الضرورة فلا يكون حراماً كالميتة للضرورة. ولا يرد قوله صلى الله عليه وسلم في الخمر "إنها ليست بدواء إنها داء " في جواب من سأله عن التداوي بها. فإن ذلك خاص بالخمر ويلحق بها غيرها من المسكر والفرق بين المسكر وغيره من النجاسات أن الحد يثبت باستعمال المسكر في حال الاختيار دون غيره ولأن استعمال المسكر يجر إلى مفاسد كثيرة. ولأنهم في الجاهلية كانوا يعتقدون أن في الخمر شفاء فجاء الشرع بخلاف معتقدهم.

وأما أبوال الإبل فقد روى ابن المنذر عن ابن عباس مرفوعا أن في أبوال الإبل شفاء لذربة بطونهم - والذرب فساد المعدة - فلا يقاس ما ثبت أن فيه دواء على ما ثبت نفي الدواء عنه قال: وبهذا الطريق يحصل الجمع بين الأدلة والعمل بمقتضاها [٢٤] .

ويقول ابن رشد في بداية المجتهد: استعمال المحرمات في حالة الاضطرار الأصل فيه قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ} [٢٥] .

ثم بين أن استعمال المحرم إن كان لطلب البرء فهو محل خلاف بين الفقهاء. فمن أجازه منهم احتج بإباحة النبي صلى الله عليه وسلم الحرير لعبد الرحمن بن عوف لمكان حكة كانت به. ومن منع ذلك احتج بقوله عليه الصلاة والسلام: " إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم " [٢٦] .

المنافع التي في الخمر:

وإذا قال قائل: إذا ثبت أن الخمر فيها من المضار ما ذكرتم. فكيف وصفها القرآن بأن فيها منافع للناس.