للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالنظر في كتب اللغة نجد أن التفتير والتخدير معناهما متقارب، ففي لسان العرب: الفتر الضعف وفتر فتورا لانت مفاصله وضعف. وفي المصباح المنير ومعجم متن اللغة: خدر العضو استرخى فلا يطيق الحركة وخدرت عينه ثقلت من قذى أو غيره، والخدرة: الضعف والفتور يصيب الأعضاء والبدن [٣١] .

الفرق بين المسكر وغيره:

ذكر الإمام القرافي في كتاب "الفروق "التفرقة بين المسكر، والمرقد، والمفسد.

فالمسكر هو: الذي يغطي العقل ولا تغيب معه الحواس، ويتخيل صاحبه كأنه نشوان مسرور قوي النفس شجاع كريم، ولذلك قال الشاعر:

ونشربها فتتركنا ملوكا

وأسداً ما ينهنبهها اللقاء

والمرقد هو: الذي يغيب الحواس كالسمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس كالبنج.

أما المفسد فهو: المشوش للعقل كالحشيش والأفيون وسائر المخدرات والمفترات التي تثير الخلط الكامن في الجسد، ولذلك تختلف أوصاف مستعمليها فتحدث حدة لمن كان مزاجه صفراويا، وتحدث سباتا وصمتا لمن كان مزاجه بلغميا، وتحدث بكاء وجزعاً لمن كان مزاجه سوداويا، وتحدث سرورا لمن كان مزاجه دمويا فتجد من متناوليها من يشتد بكاؤه، ومنهم من يشتد صمته ومنهم من يعظم سروره وانبساطه.

فشرّاب الخمر تكثر عربدتهم ووثوب بعضهم على بعض بالسلاح. ويهجمون على بعض الأعمال التي لا يطيقونها في حال الصحو كما أشار الشاعر، أما أهل الحشيش والأفيون فيصيرون همدة ساكتين انتزعت منهم قوة البطش بل هم أشبه شيء بالبهائم ولذلك تكثر حوادث القتل مع شراب الخمر ولا تكاد توجد مع أصحاب المخدرات إذ هذه المخدرات تحدث خنوثة الطبع وفساده، وقد تجر صاحبها إلى الدياثة على زوجته وأهله فضلا عن الأجانب.

والمسكرات محرمة إجماعا وفيها الحد، والمخدرات محرمة كذلك، وفيها الحد أو التعزير الزاجر عنها.