ومن حق الله تعالى وهو المنعم المتفضل بالخلق والرزق أن يتعبد عباده بما يشاء من التكاليف دون أن يسأل عما يفعل، فذلك حق ربوبيته جل وعلا، لكن من رحمة الله بخلقه ولطفه بهم أنه جعل التحريم يتبع الخبث والضرر فما يعود علينا بالمصلحة والفائدة أحله، وما يعود بالخبث أو الضرر حرمه {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لاعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}(البقرة آية ٢٢٠) .
فالله لم يحل إلا الطيب النافع ولم يحرم إلا الخبيث الضار، ولهذا كان من أوصاف الرسول صلى الله عليه وسلم عند أهل الكتاب أنه {أْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}(الأعراف آية ١٥٧) .
ثم إنه من لطف الله ورحمته أيضا بخلقه أنه ما حرم عليهم شيئا إلا أعطاهم البديل الواسع والعوض الطيب الذي يسد مسد الحرام ويغني عنه.