للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تقرر في علم الأصول أن ذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصص على الصحيح وهو مذهب الجمهور خلافاً لأبي ثور محتجاً بأنه لا فائدة لذكره إلا التخصيص وأجيب من قبل الجمهور بأن مفهوم اللقب ليس بحجة وفائدة ذكر البعض نفي احتمال إخراجه من العام، فإذا حققت ذلك فاعلم أن ذكر البعض لا يخصص العام سواء ذكرا في نص واحد كقوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} أو ذكر كل واحد منهما على حدة كحديث الترمذي وغيره "أيّما إهاب دبغ فقد طهر" مع حديث مسلم أنه صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميتة فقال: "هلا أخذتم إهابها " الحديث فذكر الصلاة الوسطى في الأول لا يدل على عدم المحافظة على غيرها من الصلوات وذكر إهاب الشاة في الأخير لا يدل على عدم الانتفاع بإهاب غير الشاة لأن ذكر البعض لا يخصص العام وكذلك رجوع ضمير البعض لا يخصص أيضاً على الصحيح كقوله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ} فإن الضمير راجع إلى قوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} وهو لخصوص الرجعيات من المطلقات مع أن تربص ثلاثة قروء عام للمطلقات من رجعيات وبوائن وإلا هذا أشار في مراقي السعود مبيناً معه أيضاً أن سبب الواقعة لا يخصصها وأن مذهب الراوي ر يخصص مرويه على الصحيح فيها أيضاً بقوله:

ودع ضمير البعض والأسبابا

وذكر ما وافه من مفرد

....................................

ومذهب الراوي على المعتمد

وروي عن الشافعي وأكثر الحنفية التخصيص بضمير البعض وعليه فتربص البوائن ثلاثة قروء مأخوذ من دليل آخر أما عدم التخصيص بذكر البعض فلم يخالف فيه إلا أبو ثور وتقدم رد مذهبه ولو سلمنا أن الآية معارضة بقوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} فإنا نجد النبي صلى الله عليه وسلم أمر بترك مثل هذا الذي تعارضت فيه النصوص بقوله: "دع ما يريبك إلى ما لا يريبك".