وهذا يعني أن جريمة السكر تغري بجميع الجرائم التي تعرض للسكران، وتجرئ عليها ولاسيما الزنا والقتل _ ولهذا اعتبرها النبي صلى الله عليه وسلم أنها "مفتاح لكل شر ".
وقد قيل أن امرأة فاسقة راودت رجلا صالحا عن نفسه، فاستعصم، فسقتهُ الخمر فزنى بها، وأمرته بالقتل فقتل.
قال عليه الصلاة والسلام:"الخمر أم الفواحش، وأكبر الكبائر، ومن شرب الخمر ترك الصلاة، ووقع على أمه وخالته وعمته ".
هذا لأنه توجد في جبلة الإنسان خاصيتان وهما:
١ _ المَلَكية يعني صفات الملائكة _ وهي امتثال أوامر الله ومقتضيات العقل _.
٢ _ البهيمية يعني صفات البهائم _ وهي امتثال أوامر النفس الأمارة بالسوء ولو كانت مخالفة للعقل.
فتأثير الخمر على شخصية الإنسان أن تخامر العقل، وتضعف ملكيته، وتثير بهيميته وتقويها، فالنتيجة أن الإنسان يمسي تابعاً مطلقاً للبهيمية ويسقط من درجة الإنسان إلى درجة البهيمية ويعتبر خاضعاً لسلطان الهوى والشيطان.
كما قال تعالى:{أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلّ} .
السكر ضد الفطرة السليمة:
العقل السليم يشهد بتحريم الخمر والمسكرات، ويدل على ما قلناه: أن بعض عقلاء الجاهلية حرموها على أنفسهم لما لمسُوا من أضرارها، وأعظمها وهن عقل الشارب، منهم عبد الله بن جدعان من قريش، والعباس بن مرداس السلمي، حيث قيل له وهو إذ ذاك في غياهب الجاهلية، لم لا تشرب الخمر؟ فقال: ما كنت لأخذ جهلي بيدي، وأدخله في جوفي ما كنت لأصبح رئيس قوم، وأمسي سفيههم ".
ومنهم جعفر بن أبي طالب، وعدي بن حاتم الطائي، قيل له مالك لا تشرب الخمر؟ قال: "لا أشرب ما يشرب عقلي ".
ومنهم قيس بن عاصم المنقري وأبو بكر الصديق وعثمان بن عفان رضي الله عنهم جميعا، حرموها على أنفسهم قبل تحريمها من الله سبحانه.