وإذا اتسع فهم المسلم لما يطلبه إسلامه انشرح صدره لكل من رغب في الإسلام وأقبل عليه لأن الساحة تسع الناس جميعاً بل تسع الإنس والجن وساحة الإسلام أرحب من عالمنا الذي نعيش فيه، وإسلام الناس أحب إلينا، ونبينا صلى الله عليه وسلم بعث هادياً ورحمة.
وإذا ضاق الفهم لما يطلبه الإسلام وما ينشده للعالمين قصرت الجهود عن الوفاء بحقه وغدت عبئاً عليه مسيئة إليه وإن قنعت مع نفسها أنها تقوم بفرائضه وتفي بواجباته. إن الواجب قد ينشدك في لحظة لتركب البحر وتحلق في الفضاء وتقف أَمام نيران المصنع وطلقات المدفع فإذا أجبت هذا الواجب بمزيد من ركعات وسجدات غير ما فرض الله وسن رسوله وقعدت ولم تستجب قد يذهب مع القعود دينك وأنت تحسب أنك مستمسك به.
وهل ترك الثلاثة الذين خلفوا وتاب الله عليهم إحسان صلاتهم والقيام بها؟ إذن لماذا قاطعهم الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر بمقاطعتهم؟ لأنهم لم يكونوا في لحظة ما حيث طلبهم الواجب وحثه النداء، ولما عاد الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من أداء ما وجب جاءه من لم يخرج معه فمن اعتذر كذبا هلك ومن صدق أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بمقاطعته حتى جاءت توبة الله عليه ولولا هذه التوبة لهلكوا مع الهالكين.
إن المسلم يكون حيث يدعوه واجب دينه لا حيث يرغب هو أو يجب. والتفريط في أداء ما يجب له عواقبه ومخاطره. ولقد تحولت في زمننا هذا بعض فروض الكفاية إلى فرض عين لتفريط المسلمين وإذا أردت أن تحصر ذلك وجدت أَمتنا الإسلامية تحتاج إلى تخطيط شامل في حياتها كلها لتسد كل جانب بما يكفيه ليسقط الفرض عن الباقيين.
فإذا ظللنا جميعا نأكل مما تنتجه أَرض غيرنا وأرضنا أخصب وأرحب فإننا نأثم جميعا ما لم تتحرك الحياة في أرضنا وتؤتي ثمارها بإذن ربها ولو استثمرت كما يجب أن يكون لأغنت عالمنا الإسلامي كله وسدت حاجة غيره من المحتاجين.