للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في هذه الآية إشارة إلى الأمواج الداخلية والسطحية (فأضخم أمواج المحيط وأشدها رعبا هي أمواج غير منظورة تتحرك في خطوط سيرها الغامضة بعيدا في أعماق البحرِ وقد كان من المعروف منذ سنين كثيرة أن سفن البعثات إلى القطب الشمالي كانت تشق طريقها بكل صعوبة فيما كان يسمى ((بالماء الميت)) والذي عرف الآن أنه أمواج داخلية. وفى أوائل عام ١٩٠٠ م لفت الأنظار كثيراً من مساحي البحار الاسكندنافيين إلى وجود أمواج تحت سطح الماء، والآن بالرغم من أن الغموض لا يزال يكتنف أسباب تكوين هذه الأمواج العظيمة التي ترتفع وتهبط بعيدا أسفل السطح فإن حدوثها على نطاق واسع في المحيط قد أصبح أمرا معروفا جدا فهي تقذف بالغواصات في المياه العميقة كما تعمل شقيقاتها السطحية على قذف السفن، ويظهر أن هذه الأمواج تنكسر عند التقائها بتيار الخليج وبتيارات أخرى قوية في بحر عميق فالآية القرآنية تقول {يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ} إشارة إلى الأمواج الداخلية والسطحية ويؤيد هذا ما وصفه القرآن للبحر بأنه (البحر) أي كثير الماء عميقة وفي هذا إشارة إلى المحيطات وليس الشواطئ والجدير بالذكر أن هذه المواضع يقل فيها وهيج الشمس فما بالك باجتماع السحاب الذي تكثر فيه الظلمة ويصبح الواقع.

{إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} . فهذه الآية لا علاقة لها بالوسط الجغرافي للبيئة التي نزل فيها القران فلو افترضنا أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى في شبابه منظر البحر الأحمر فلن يعدو رؤية شواطئ البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط وهي لا ينطبق عليها ما وصفه القرآن كل ذلك يعطينا دليلاً واضحا على أن القرآن وحي إلهي [٨] .


[١] نقلا عن كتاب روح الدين الإسلامي صفحة ٤٩-٥٠.
[٢] نقلا عن كتاب (النجوم في مسالكها) .