للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبرز في هذه الدولة ديوانان كبيران هما ديوان الإنشاء وديوان الجيوش، وكان عليهما المعول الأكبر في سياسة الدولة كلها في الداخل والخارج، يساعدهما في التنفيذ باقي الدواوين، وكان يضم هذه الدواوين جميعا دار الوزارة.

ديوان الإنشاء:

ظل ديوان الإنشاء طول عصر الحروب الصليبية رفيع المكانة، معنياً به أشد العناية، فهو ديوان عظيم المقدار، وهو خزانة الأسرار، شريف بمراسلة السلطان [١] .

كان ديوان الإنشاء يومئذ رأس الدولة المفكر، ووسيلة اتصال الحكومة بفروعها في داخل البلاد، وبغيرها من الحكومات في خارج حدودها، وقد استطاع النثر أن يفي بحاجة الأمة وأن يعبر عن مشاعرها وإحساساتها [٢] ، وقد أدرك صاحب صبح الأعشى قيمة ما يسجله ديوان الإنشاء، فقال: "إنه لو جمعت بعض دفاتره لاجتمع منها تاريخ كامل" [٣] .

وكان العاملون في ديوان الإنشاء في غاية الصيانة والنزاهة وقلة الخلطة بالناس، وأتفق أن الصاحب زين الدين يعقوب بن الزبير كان من جملتهم، فسمع الملك الصالح نجم الدين أيوب عنه أنه يحضر في السماعات [٤] ، فصرفه من ديوان لا يحتمل مثل هذا [٥] .

ديوان الجيش:

أشرف ديوان الجيش في عهد الأيوبيين على شئون الجيش، من تجنيد وعتاد وخلافة، وكان يطلق عليه أيضا ديوان الإقطاع [٦] وتسمية ديوان الجيش بديوان الإقطاع يدل في صورة

قاطعة على مبلغ اعتماد النظام الحربي الأيوبي أو معظمه على الأقل على التوزيع الإقطاعي [٧] ، فمن الطبيعي أن ينقل صلاح الدين عن مخدومه نور الدين نظام الإقطاع الحربي الوراثي والشخصي إلى مصر، غداة أن استتب له الأمر فيها، بعد وفاة العاضد سنة (٥٦٧ هـ= ١١٧٢ م) [٨] .

وكتب ابن مماتي فصلا في المقرر عن ميرة الإقطاعات في دولة صلاح الدين، مرتبة قيمتها حسب درجات الأجناد وجنسياتهم.