للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الصفات اللازمة له في أثناء الحرب، حتى يكون ناجحاً في تأدية مهمته القتالية على أحسن وجه، أن يأخذ لضعيفها من قويها، ويقيم الحدود فيها على من وجبت عليه، ويقوي يد ديوانها على استخراج الأموال، وتمشية الأشغال، وحفظ السبل إلى عمله من كل جهة، هي داخلة في حد عمله.

ويحتاج أيضاً إلى أن يكون ذا سياسة ورياسة، وعقل رصين ونزاهة، وعفة فرج ويد ولسان، وحسن تدبير، وصدق لهجة، ويقظة وعزم، وتحل بهمة وعزم [٢٩] .

ولما كانت المهمة المنوطة بناظر ديوان الجيش ذات أهمية بالغة في عصر الحروب الصليبية، أردنا أن نستعين بالصورة التي رسمها علي بن خلف في عصر الدولة الفاطمية، ففيها شيء من التفصيل، بخلاف ما عثرنا عليه في كتب الدواوين الأيوبية، خاصة وأن ظروف العمل الحربي ضد الصليبيين في العصرين واحدة.

إذ يقول: "أن منزلته بمقتضى خطر ما ينظر فيه من أمور الرجال الذين هم أعضاء السلطان وأعوانه، وهو يحتاج إلى الإستقلال بجرد كثير من الحساب، وإلى معرفة صفات الخيل، والمعرفة بالأسلحة وأنواعها، والسيوف وجواهرها ومياهها، والرماح وأجناسها والمختار منها، والقسي والسهام والدروع وما يجاريها من الآلات وأن يطالب الأجناد بتحصيلها وعرضها في كل وقت، كما تعرض الخيول التي يثبت شياتها في ديوانه، ولا يفتح لأحد منهم في الإستبدال من جيد برديء، ولا من عيق بهجين، ولا من أسل بذقى [٣٠] ، ومن غير شيئاً ألزمه بتعويض ما غيره، ولذلك أوقع حزمه الملوك الوسوم على الخيول والعلامات على الأسلحة، ولا بأس بأن يكون قد تأدب بالفروسية، وأخذ بطرف من العمل بالسلاح" [٣١] .