للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واستطاع السلطان صلاح الدين أن يحمل على العدو، ويزيلهم عن مواقفهم، ويجتاز معسكرهم، وهم يعدون أمامه صوب حلب، تاركين غنائم كبيرة وآلة وسلاحا عظيما، ودواب كثيرة، ولحق بهم السلطان صلاح الدين في حلب وحاصرها للمرة الثانية، وأشتد على الحلبيين الحصار وطال، فراسلوه في الصلح على أن يكون له ما بيده من بلاد الشام، مضافا إليه المعرة وكفر طاب، وبارين، ولهم ما بأيديهم منها، واشترطوا كذلك أن يكون الدعاء للسلطان الطفل في جميع منابر البلاد التي تحت يد السلطان صلاح الدين وولاية أصحابها، وأن تكون السكة باسمه، وأن ينجد السلطان صلاح الدين بنفسه وجيشه السلطان إسماعيل عسكريا إذا قصده العدو.

فأجابهم صلاح الدين إلى جميع ما طلبوه سياسيا وعسكريا، وأنتظم الصلح، ثم رحل السلطان صلاح الدين عائدا إلى حماة.

والجانب الإعلامي من إذاعة هذا المنشور، هو تفهيم الناس أن السلطان صلاح الدين، لم يقصد في محاربته أحدا من المسلمين ألبتة، بل أراد توحيد كلمتهم بالتفاهم الودي والإتفاق السياسي أولا، حتى إذا أخفق في الإتفاق بالمفاوضة عمد إلى القتال في غير هوادة.

وفيه يصف السلطان صلاح الدين هذا الفتح بأنه كان لفتوحه أميرا، وكان لبعده من سعادات الأيام بشيرا.


[١] النابلسي: لمع القوانين ص١٨.
[٢] الدكتور أحمد بدوي، الحياة الأدبية في عصر الحروب الصليبية ص ٣٣٤.
[٣] صبح الأعشى جـ ١ص١٣٥.
[٤] السماع: الغناء والسماعات هنا أي أماكن الطرب واللهو، والظاهر أن الملك الصالح نجم الدين أيوب كان لا يسمح للعاملين بديوان الإنشاء بالتردد على أماكن اللهو والمجون، حفاظا على مهابة هذا الديوان العظيم.
[٥] الخطط المقريزية جـ ٣ص١٥٨.
[٦] ابن فضل الله، التعريف ص ٨٩.