لهذا وغيره فكر عمرو في التحول من مكانه الأول إلى المكان الجديد، وهو بهذه الحركة يضرب عصفورين بحجر واحد كما يقولون، فهو من جهة ينشط جنوده ويبعث في نفوسهم الأمل في ملاقاة عدو تأهبوا لقتاله، ومن جهة أخرى ينشر الرعب في القرى الواقعة بين قصر فاروس والمقس (أم دنين) حتى لا يفكروا في التمرد على الجيش الفاتح أو في مساعدة جيش الروم وإمداده بما يحتاج إليه.
وأمام حصون الإسكندرية الرابضة شرقيها ترك عمرو حامية ليظل الحصار قائما ولئلا يظن الروم أن المسلمين عجزوا عن فتح الإسكندرية، وردوا عنها خائبين.
وتوجه عمرو ببقية الجيش نحو الشمال يريد المقس، وبينما هو يسير خرجت عليه من ناحية البحيرة كتيبة من الخيالة، واتخذت الحصن لها ستارا، فأوقعت بالمسلمين على غرة فقتلت منهم أثنى عشر رجلا عند كنيسة الذهب [١٨] .
واحتاط عمرو لأمثال تلك المباغتة حتى لا يلدغ مرتين، ومشى بالجيش حتى نزل عند المقس، ومن هناك قسم الجيش إلى كتائب، وجعل على كل كتيبة رجلاً من رجاله الشجعان، وبعث بهم إلى جهات مصر المختلفة ليفتحوها وتصير الأرض كلها أرض خراج.
فوجه عبد الله بن حذافة السهمي إلى عين شمس فغلب على أرضها وصالح أهل قراها على مثل حكم الفسطاط، ووجه خارجة بن حذافة العدوي إلى الفيوم والأشمونين والبشرودات وقرى الصعيد ففعل مثل ذلك، ووجه عمير بن وهب الجمحي إلى تينس ودمياط وتونه ودميره وشطا ودقهلة وبنا وبوصير ففعل مثل ذلك، ووجه عقبة بن عامر الجهني، ويقال: وردان مولاه إلى سائر قرى أسفل الأرض ففعل مثل ذلك، فاستجمع عمرو