مما لاشك فيه أن الطفل الذي لا يتلقى لغته أو يتشرب روحها في طفولته ينشأ مفكك الشخصية، هزيل التفكير، لأن الفكر واللغة كوجهي العملة لا يمكن أن يتصور أحدهما بدون الآخر. فالطفل عن طريق لغته يستطيع في مرحلة مبكرة أن يتقبل المبادئ الدينية والخلقية والاجتماعية، ويستطيع عن طريق هذه اللغة أن يشارك الكبار في التشبع بالقيم الموجودة، والتشرب بالتقاليد السائدة لأن اللغة هي الوسيلة الفعالة لاستقبال هذه الخبرات، ولا تستطيع أي لغة أجنبية أن تمد الطفل بالقدر اللازم من المعاني التي تسهم في تربيته تربية وطنية، لذلك تؤكد التربية الحديثة أن في تعليم الطفل لغة أجنبية في سن مبكرة جدا خطرا، على كيانه الوطني من جهة ومن جهة أخرى يضر بنموه الثقافي، ويضعف من سرعته لتقبل المعلومات والمهارات الضرورية في مثل هذا الطور، ونحن لا ننكر أن تعليم اللغة الأجنبية طاقة ثقافية تزيد من معارفهم وخبراتهم، ولكن ينبغي أن يعاد النظر في الوقت الذي ينبغي أن يتعلموا فيه هذه اللغة وقد تنبهت الأمم العربية - والحمد لله - لها الخطر.