للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليفهم الموضوع جيدا لئلا تنخدعوا بجعجعة دعاة التعصب هذا، وقد مر على المسجد الحرام واقع كهذا أو ما يشبه هذا الواقع تقريبا قبل العهد السعودي الذي يعتبر بحق عهد الإصلاح والتصحيح والدعوة إلى وحدة الصف، وقد حضرت موسم حج سنة ١٣٦٩ هـ وشاهدت المقامات الأربعة للأئمة الأربعة موزعة في المسجد الحرام إلا أن المصلين يصلون خلف إمام واحد يقف أمام الكعبة كما هو الحال اليوم ولكن جاذبية التعصب كانت تجذب الحجاج وتوزعهم على هذه المقامات الأربعة للتجمع حولها والجلوس تحتها كل مجموعة تحت مقام إمام مذهبها أو في مكان قريب منه على الأقل إلى أن أزيلت تلك المقامات، وبحق تعد إزالتها حسنة من حسنات الحكومة السعودية الموفقة التي قضت على كثير من أسباب تفرق المسلمين في الوقت الذي سعت ولا تزال تسعى في تقريب صفوف المسلمين، بل في توحيد صفهم، أثابها الله وتقبل منها ومن أمثلة ذلك هذه الجامعة الإسلامية العملاقة التي نعيش فيها الآن والتي استطاعت بتوفيق الله أن تجمع نخبة من شباب المسلمين من أقطار الدنيا على دراسة منهج موحد في الأحكام الفقهية، فشاهدوا لأول مرة منهجا جامعيا يدرس المذاهب الأربعة مع مناقشة أدلتها، وترجيح ما يشهد له الدليل بحيث لا يكون فضل لمذهب على مذهب آخر إلا موافقة الدليل من كتاب أو سنة، كما شاهدوا لأول مرة عقيدة تؤخذ من الكتاب والسنة رأسا دون إلتفات إلى علم الكلام وفلسفته وتعقيداته.

(ج) أما بالنسبة للخلفاء الراشدين فليس الأمر كما زعم البيجوري في تقليدهما، حيث أن الأخذ بأقوال الخلفاء الراشدين وأفعالهم لا يعد تقليدا، بل إن ذلك يعتبر سنة نبوية إذ يقول رسول الهدى ونبي الرحمة صلى الله عليه وسلم: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" الحديث.

ثم إن هذا الهذيان الذي تجدونه في حاشية البيجوري وأمثالها هو الذي يصفه الشطي بقوله: (إن التقليد سنة قديمة ومعروفة) .