للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمثلهم كمثل الذي دخل سوقاً غاصة بالناس رجالاً ونساءً ليدعوهم إلى الصلاة فجعل يناديهم قائلا: أيها الناس إننا أنشأنا لكم مسجدا في غاية السعة فهلموا جميعا لأداء الصلاة فيه ولا يتأخرن أحد وليأت كل واحد على ما هو عليه، المتوضئ بوضوئه، والمحدث بحدثه، والجنب بجنباته، بل حتى الحائض والنفساء، لأننا لا نرد أحداً، إذ قصدنا خلق مجتمع إسلامي عام شامل وكلنا إخوان مسلمون، ولا داعي للتشدد لأن التشدد يفرق بين صفوف المسلمين، وبينما هو يرفع عقيرته بهذا الهذيان فوجئ بداعية ناصح ممن رزق الفقه في الدين وهو يقول للناس: أيها الأخوة المسلمون حان وقت الصلاة فقوموا فتوضأوا ثم صلوا صلاتكم حيث ينادي لها، فأخذ يعلمهم الطهارة، وأنها شرط لصحة الصلاة فصاحب المجتمع المزعوم يستمع إليه بدهشة وهو يفكر ليستحضر الأسلوب الذي يستعمله ضد هذا الداعية. إنه فكر وقدر ثم صرخ صرخة شيطانية قائلاً "أيها الأخوة المسلمون لا تسمعوا لهذا الكلام والغوا فيه لعلكم تغلبون على هذا المتشدد وتسكتونه"إلى آخر تلك الصيحة اليائسة.

أيها القراء الكرام، أنشدكم الله أيّ صاحبي السوق على الحق؟!!

أما أحدهما فقد دعا الناس إلى أداء الصلاة بوضوء وبطهارة كاملة وبيّن للناس أن الطهارة شرط لصحة الصلاة، وقد نصح، وأما الآخر فقد أوهم الناس أن المهم والمطلوب اجتماع الناس في صعيد واحد تحت اسم (المسلمين) فيؤدون الصلاة على ما هم عليه قائلا:

لأننا نهينا عن التكلف، والدين يسر ولم يجعل الله علينا في الدين من حرج، يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا، وهلم جرا إلى آخر تلك الفتوحات الجديدة.

هكذا أترك الحكم على صاحبي السوق للقراء وهم الحكم العدل إن شاء الله لأنهم من طلبة العلم في الجملة، ولأن الحق أبلج والباطل لجلج فهما لا يتشابهان. وبالله التوفيق.

يا سبحان الله!