وقد هاجمت تلك الدعوة الجاهلية بألوانها وأشكالها في باب العقيدة والعبادة والأحكام، ودعت إلى إخلاص العبادة لله وحده وتجريد المتابعة لرسول الله عليه الصلاة والسلام، وأن يكون الحكم لله وحده في أرضه وبين عباده، فعلت الدعوة كل ذلك دون إلتفات إلى ما يترتب على ذلك من عداء عالمي إيماناً من حملة تلك الدعوة بأن الله معهم وسوف يجعل العاقبة لهم، لأن العاقبة للمتقين دائماً. بدأت الدعوة عملها في شرقي شبه الجزيرة ثم شملتها كلها حتى شع نشرها على أنحاء العالم شرقاً وغرباً، وقد هاجت الدنيا فقامت وقعدت وصرخت في وجه الدعوة الجديدة والمجددة زاعمة أنها جاءت بدين جديد يخالف دين الآباء.
وأصحاب الدعوة الجديدة لا يلتفتون إلى هذا الهيجان والصراخ بل هم ماضون في دعوتهم، وكأني بهم وهم يقولون:"ليس كل من ينبح عليه الكلب لصا"كما يقولون: وهذه الدعوة الشجاعة والفريدة في ذلك القرن وما بعده قد بارك الله فيها حتى قامت بها دولة إسلامية في قلب الجزيرة واتخذت القرآن دستوراً لها، إيماناً منها بأنه كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ألا (وهي دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله) مجدد القرن الثاني عشر. وذلك من بركات اتباع ذلك المنهج السلفي المبارك.
فعلى الدعاة الصالحين في الوقت الحاضر، أن يحذوا حذو هذه الدعوة المباركة، وأن يتأسوا بذلك الداعية في غيرته على دين الله وحرصه على نصح عباد الله، وصبره فيما لاقاه في سبيل الدعوة إلى الله سبحانه وفي وضوحه وصراحته، جزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير ما يجازي به المصلحين الصابرين.
أيها الدعاة سيروا على بركة الله في أداء واجب الدعوة لعباد الله مقتدين برسول الله صلى الله عليه وسلم، ومقتفين آثار أصحابه دون تبديل أو تغيير للخطة الأصلية، اللهم إلا ما كان من أسلوب يتطلبه الوقت والمكان- والله المستعان-.