للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحباً لأنك أهل لذاك.

فأما الذي هو حب الهوى

فشغلني بذكرك عمن سواك

وأما الذي أنت أهل له

فكشفك لي الحجب حتما أراك.

تأمل: إن الله - تعالى علواً كبيراً - أهل لحب رابعة!! لماذا؟ لأنه سبحانه كشف لها الحجب التي لم تكشف لموسى عليه السلام!! أو لم تزعم أنها كشفتْ لها الحجبْ حتى رأت الذات العلية‍‍!! وليس هذا أدعاءً منا عليها، وإنما هذا ما تقوله الأبيات السابقة.

فهذه هي وجازة القول في مذهب (رابعة) الذي فتن به المفتونون، وهو يقوم على دعوى أن عبادة الله عِشقاً له خيرٌ من عبادة الذين يعبدون ربهم خوفاً وطمعاً، ونظراً لأن هذه الدعوى فتنة خطيرةٌ تردَّى فيها من لم يعتصم بحبل الله المتين وصراطه المستقيم، فإن واجب البيان يملي علينا أن نضع هذه الدعوى في ميزان الكتاب والسنة، لنرى مبلغها من العلم، ووزنها من اليقين.

إن رابعة تزدري عبادة الذين يعبدون ربهم خوفاً وطمعاً، فهل نسمع إلى قول رابعة؟ أم نستمع إلى حكم الله الحكيم العليم؟

- بدهي أنّ الجواب هو: إن حكم الله تدين له القلوب، وتعنو له الوجوه ولنسمع إلى وصف الله جل ذكره لعبادة هؤلاء الخائفين من جلاله، الطامعين في جنانه، وهو في قوله سبحانه: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ. تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فلا نفسٌ ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون} ١٥- ١٧: السجدة.