ويقول سيد قطب في تفسير الآَية:{فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّت.. الخ} : إنها المعجزة التي لا يدري سرها أحد، فضلا على أن يملك صنعها أحد، ... وتقف البشرية بعد كل ما رأت من ظواهر الحياة وأشكالها، وبعد كل ما درست من خصائصها وأدوارها.. تقف أَمام السر المغيب كما وقف الإنسان الأول، تدرك الوظيفة والمظهر. وتجهل المصدر والجوهر، والحياة ماضية في طريقها ... لقد عجزت كل محاولة لتفسير ظاهرة الحياة، على غير أساس أَنها من خلق الله ... ومنذ أن شرد الناس من الكنيسة في أوربا.. {كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ} وهم يحاولون تفسير نشأة الكون وتفسير نشأة الحياة، بدون التجاء إلى الاعتراف بوجود الله.. ولكن هذه المحاولات كلها فشلت جميعا.. ولم تبق منها في القرن العشرين إلا مماحكات تدل على العناد، ولا تدل على الإخلاص، وأقوال بعض (علمائهم) الذين عجزوا عن تفسير وجود الحياة إلا بالاعتراف بالله، تصور حقيقة موقف (علمهم) نفسه من هذه القضية، ونحن نسوقها لمن لايزالون عندنا يقتاتون على فتات القرنين الثامن عشر والتاسع عشر من موائد الأوربيين، عازفين عن هذا الدين، لأنه يثبت ((الغيب)) وهم ((علميون)) [١] لا ((غيبيون)) .
والمؤمنون الصادقون في إيمانهم، الذين يؤمنون بالله يكفيهم في ذلك ما قاله خالقهم عن خلق هذه الحياة، وما شاهدوه في الواقع أمامهم، من تكرر خلق الحياة كل لحظة، لأن عقولهم الفطرية لم تلوث بشكوك المرتابين وأباطيلهم.
وأما أولئك الذين أصابتهم لوثة الشك، فلا يؤمنون إلا (بالعلم) فمن المناسب أن ينقل لهم بعض أقوال هؤلاء العلماء الذين عجزوا عن تفسير الحياة إلا أن تكون من صنع خالق قادر هو (الله) سبحانه وتعالى.