تعاقب الليل والنهار: وأول ما ينتج عن طلوع الشمس وغروبها، تعاقب الليل والنهار، واللذان هما من أعجب آيات الله، وبدائع مصنوعاته، كما قال تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لله الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} سورة فصلت آية ٣٧.
فلولا تسخير العليم القدير لها لتعطل أمر العالم، إذ كيف يتصرف الناس، ويسعون لكسب معاشهم، وطلب أرزاقهم، إذا لم يكن هناك ضياء يبصرون به، ثم كيف يكون لهم قرار وهدوء تستريح به أبدانهم. ويستعيدون فيه قواهم، إذا لم يكن هناك ليل يسكنون فيه. فنعمة الليل والنهار الناتجين عن طلوع الشمس وغروبها من أعظم آيات اللطيف الخبير، الذي جعل تلك الشمس المشرقة للناس بمنزلة السراج يرفع لأهل البيت، زمناً لقضاء حوائجهم، ثم يغيب عنهم مثل ذلك الزمن، ليهدءوا ويستريحوا تماما كما هدي الإنسان لإيقاد مصباحه عند الحاجة إليه، وإطفائه بعد قضائها. وقد نبه الله عباده إلى تلك العناية والرحمة به، في جعله الليل والنهار متعاقبين، ليتمكنوا من طب المعاش والسعي في تحصيل الرزق في النهار المبصر، والهدوء والراحة في لباس الليل الهادئ. وبين أن ذلك التصريف الحكيم حاصل بأمره وتقديره، ومشيئته وإرادته. يقول تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ الله عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ الله يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ} .