ومشينا بعدالتنا النازلة من السماء أحقاباً سعيدة هنيئة، حتى يأتي يوم في عصر الخليفة الراشد بعد الأربعة الراشدين وهو خامسهم عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، فيبعث بيحيى بن سعيد لجمع زكوات إفريقية، يقول يحيى بن سعيد، طلبت الفقراء لأعطيهم حقهم في الزكاة، فلم نجد فقيراً بها، ولم نجد من يأخذها،- وهكذا أغنت عدالة الإسلام كل الناس، حتى الضاربين في الصحراء والفيفاء، ويثني الشاعر جرير على عدالة عمر بن عبد العزيز وحَدَبه على جميع المسلمين. بقصيدة منها:
ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر
كم باليمامة من شعثاء أرملة
كالفرخ في العش لم ينهض ولم يطر
ممن يعدك تكفي فقد والده
من الخليفة ما نرجو من المطر إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا
أما عن إعطاء البدن الإنساني كفايته من الراحة ليستأنف بعدها سعايته، فهل كان الإسلام يمنع ذلك، ويطلب لإنسان أن يخر صريع الإجهاد هالك الإضناء، أم أَنه أسهل وأيسر وأرفق دين نزل على العباد من السماء طيلة هذه الدنيا، {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الإِنْسَانُ ضَعِيفاً}{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا}{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} ، وغير هذا من كتاب الرحمة والراحة، من قرآن الله العظيم.