للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا كان هذا الحُنُوُّ قد وُجهنا إليه ونحن نؤدي ما لَوْ أفنينا أنفسنا أثناء تأديته ما وفينا نعمة واحدة من نعمه علينا سبحانه، أفيقسوا الإسلام أو يسمح باستغلال صاحب العمل للعامل حتى يضنيه ويعجزه؟.

بل لقد لفت القرآن النظر إلى ما يرغب ويشجع على التريض والتنزه، عندما تسمع قوله تعالى {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ} {فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ؛ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ} {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ} {وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ} {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ، فهل تدبرت قوله تعالى في الآية الأخيرة: {انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ} فأنت إذا لم تخرج لتنظر، لتريح نفسك من عناء العمل، ومشاغل الدنيا، ثم لترى جمال الخالق في جمال خلقه، وعظمة المبدع في عظمة ما أبدع، فقد يكون فيك نقص من إيمان، لأن الآية قالت في النهاية: {إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} ، وقد حدث أني خرجت مرة إلى بعض الحدائق ووجدت شجرتيْ زيتون ورمان متقاربتين، فظننتهما نوعاً واحداً لتشابه الصورة في الجذع والفرع والأوراق، ولما شخصت بعيني إلى ثمرهما وجدت في إحداهما حب زيتون وفي الأخرى فاكهة الرمان، فتذكرت قوله تعالى: {وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ} ، أي مشتبها في الصورة غير متشابه في الثمر، فأخذت درساً عملياً في التفسير ما كان لي أن أتعلمه قبل ذلك.