على كل فرد واجبات نحو المجتمع، وإنها لكلمة حق أريد بها الباطل. وهل رأينا أفرادهم إلا متهالكين نحو شهواتهم وخصوصية ميولهم وما يلهثون إلاَّ وراء أنانيتهم الفردية. أما نحن فقلنا لبعضنا ما قاله لنا ربنا {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} وما قاله لنا نبينا- صلى الله عليه وسلم- "كلكم راع وكلَكم مسئول عن رعيته" و"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" وتاريخنا العاطر مشحون بأعمال رجالنا تنفيذاً لما أمرهم الله ورسوله، من الإيثار وتقديم مصلحة الغير والمجتمع على النفس. وقد قدمنا منه العديد في بحثنا هذا. ونزيد فنقول ما رأي واضعوا هذه الحقوق التي ما أحقوها يوماً. عندما عرِضت رأس شاة على جار فقير. فيقول: أعطوها لجاري فقد يكون أولى بها مني. وتظل رأس الشاة تنتقل من دار إلى دار حتى تعود إلى الجار الأول بعد أن تأكد أن غيره ليس أحوج إليها منه. تلك صورة من قاعدة مجتمعنا. أما من قمة مجتمعنا فيشعر عمر بن الخطاب بتقلبات في بطنه وقرقرة في أمعائه حيث ما كان له أدام عام الرمادة إلا الزيت، فيقول لبطنه قرقري أو لا تقرقري. فلن تأتدمي السمن حتى يأتدمه المسلمون) فأي واجبات الفرد حاكما أو محكوماً نحو المجتمع تؤدَّى بأروع من هذا يا بني الإنسان؟ عندما تدور رأس شاة بين أيد محتاجة إليها حتى تستقر عند من هو أشد احتياجاً، وعندما يلزم رئيس أضخم وأوسع أمة في التاريخ بألاَّ يأكل السمن حتى يأكله كل شعبه ويكون هو آخر من يأكله.