وإذا كان إقليدس مثلاً قد تعرض للحكم عليه بالإعدام لقوله بكروية الأرض ودورانها من محكمة كنسية أصدرت حكمها باسم الدين. فإن ديننا الحنيف جعل الحقائق الكونية من جملة المعارف الأصلية التي وفق بعض الباحثين إلى معرفتها، ثم وجد السباق إلى معرفة كثير من الحقائق التي وقف العلم حائراً أمامها فترة من الزمن.
الدين في أوربا يأمر أتباعه أن يغمضوا أعينهم عن حقائق الكون ويسلموا لرجال الكنيسة بلا مناقشة أو اعتراض، وأول ما يعلم البطارقة أتباعهم المقولة المتخلفة (أطفئ نور عقلك واتبعني) ويلقنونهم بعد ذلك ما يحلو لهم من الأوهام والأباطيل.
هذه حقيقة ما يعرض باسم الدين في أوربا اليوم. وهو يتنافى مع أبسط قواعد العقل والمنطق. ولشباب الغرب كما أسلفنا العذر في نبذه والإعراض عنه إذ كيف يمكن للعقل السليم أن يقبل دعوى ألوهية المسيح وهو بشر يأكل كما يأكل البشر وينام كما ينامون مع زعمهم أن اليهود عدوا عليه فلم يملك أن ينجي نفسه منهم فأخذوه وصلبوه على حد دعواهم الباطلة، وكيف يمكن للفكر أن يتصور أن الإله لا يملك أن يغفر لبني آدم- وهو الذي خلقهم- فيقدم على التضحية بابنه الوحيد أمام اليهود ليخلص البشر من وبال الخطيئة القديمة التي وقع فيها أبوهم قبل ملايين السنين وهم بريئون لا جريرة لهم في ذلك، وهل يمكن أن نقبل هذا التلفيق في الوقت الذي نرى فيه الخوري أو البابا أو البطريق يغفر لمن يشاء ويحلل ويحرم كما يحلو له.