وفي الساعة السابعة مساء ذهبنا إلى مسجد جامعة قاجة مادة وهي إحدى الجامعات الحكومية الكبيرة في هذه المدينة. ويمتلىء المسجد بطلبة الجامعة بنين وبنات، صلى العشاء بالناس أحد طلبة الجامعة، ثم تقدم مدير الجمعية المحمدية فألقى كلمة عن صيام رمضان وقيامه باللغة الأندونيسية- وكنت أفهم مضمون كلامه بالنصوص التي يستدل بها من القرآن والسنة: وكان الطلبة منسجمين معه غاية الانسجام، وترتفع صيحاتهم بالضحك في بعض الأوقات. فسألت عن السبب فقيل لي أنه يأتي ببعض النكات المضحكة أثناء حديثه لاجتذاب انتباههم له. وهذه عادة علمائهم معهم عرفوا نفسياتهم فأتوهم من الباب الذي عرفوا أنهم يستطيعون الولوج إليهم منه. وقد سمى الشيخ المجذوب عندما التقينا به- كما سيأتي- سمى الأندونيسيين "الشعب الضاحك"، وقلت أنا مرة الذي لا يستطيع أن يضحك الأندونيسيين لا يستطيع أن يبكيهم وأن تأثير الواعظ في نفوسهم يتوقف على دخوله إلى تلك الأنفس من باب الدعابة ولكني في نفس الوقت أنصح الوعاظ الأندونيسيين وغيرهم عدم الإكثار من النكات المضحكة لأن ذلك سيحول بين الواعظ وبين التأثير المطلوب الذي تضمنه قوله تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} .
ثم صلى بنا الشيخ عبد القوي صلاة التراويح فأعجبتهم قراءته فطلبوا منه أن يقرأ بعد ذلك على المنبر ففعل وكانوا جداً متأثرين بقراءته ثم طلب مني إلقاء كلمة- وهمس إليّ الأخ عبد الله باهرمز أنهم يرغبون أن يسمعوا مني رأيي في حالة المسلمين في أندونيسيا.
فقلت ما مضمونه:
١- أن الوقت الذي قضيناه في بلدكم قصير واختلاطنا بفئات الشعب غير متيسر حتى نستطيع الحكم عليه.