ومن هنا كان مثار الدهشة أن يأتي الاعتراض على هذا القرار الرصين من جانب فئة من إخوتنا في اليمن الشمالي. وكلهم من أهل الفضل.. ولا حجة لهم في ذلك من نقل ولا عقل، بعد أن تلاقى العقل والنقل على إصداره.. فلم يبق مسوغا لاعتراضهم سوى حكم العادة التي ألفوها، فتعذر عليهم التحرر من ربقتها فهم بذلك أشبه بالمُدْمِن على التدخين تعرض لعينه أثاره في إتلاف أجهزة الحياة من خلال الشرائح البشرية التي خربها التدخين فلا يزيد على القول، إني أدخن منذ عشرات السنين وها أنذا لا أزال على قيد الحياة!.
وإن هذا الموقف ليذكرني بذلك الحوار الطريف الذي دار ذات يوم بين طبيب للعيون وأحد المرضى..
قال الطبيب لصاحبه وهو يحاوره: إن ما تشكوه من ضعف بصرك سببه الخمر، فعليك بالإقلاع عنها وإلا فقدت بصرك كله في النهاية..
وأجاب المريض وعلى فمه ابتسامة السخرية (إنك لمخطئ أيها الطبيب بدليل أن الخمر يضاعف من قوة بصري حتى لأرى الرجل في حالة السكر اثنين بدل الواحد...!
ولعل إخوتنا الأفاضل أصحاب الاعتراض إنما يدافعون عن القات من خلال ألفتهم إياه، التي تحجب عنهم مساوئه، فلا يرون منه إلا الجانب السار.. ولا عجب:
ولكن عين السخط تُبدي المساويا
فعين الرضا عن كل عيب كليلة
ولعل أطرف ما في اعتراضهم المنشور في (السياسة) الكويتية بعنوان (فتوى دينية) ذلك الادعاء الغريب بأن العلماء الذين أفتوا بتحريم القات إنما أخذوا ببعض الإشاعات، وكان عليهم أن يتصلوا بالعلماء (الذين يعايشون القات منذ دخوله اليمن) ..!