والماركسيون يعترفون بوجود قوة خفية تحرك هذا الكون وتدبره أسموها الطبيعة، وهي في الواقع إلههم إذ ينسبون إليها إيجاد هذه الموجودات، فهم لم يدَّعوا خلق أنفسهم، وعليه فهذه القوة التي أسموها الطبيعة هي الله عند المؤمنين به. كما أن الفلاسفة سموا الإله المحرك الأول.
ولذلك فإن الأدلة التي سبقت في مبحث إثبات وجود الله تعالى هي أدلة قاطعة على إثبات وحدانيته سبحانه وتعالى فالله يقول مبينا وموضحاً هذه الحقيقة:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}(الأنبياء الآية: ٢٢) .
وهذا المسلك في الاستدلال: هو ما يسميه علماء الكلام بدليل التمانع.
وهو انتظام الكون وسلامته من الخلل، الذي يدل على أن هذا النظام والإحكام من تدبير إله واحد.
وتقرير الدليل هكذا:
لو كان هناك آلهة متعددة لحصل الفساد في نظام هذا الكون، إذ لكل إله إرادة تخالف إرادة الآخر. فمثلا هذا يريد إحياء شخص والآخر يريد إماتته. أو هذا يريد طلوع الشمس، وهذا يريد غروبها. فتحصل معارضة الإراديين، فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين، والواجب لا يكون عاجزاً. ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد. وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد فيكون محالاً. فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر، كان الغالب هو الواجب وهو الإله الحق. والآخر المغلوب ممكنا.
والواقع المشاهد يؤكد صلاح العالم وانتظام الكون وسلامته من الخلل والفساد، فثبت بذلك الوحدانية لله تعالى. التي بها صلاح العالم. وبطل ما يؤدي إلى فساده وهو تعدد الآلهة.