وقد تعددت الآيات التي تنبه عقول المخاطبين وتبين لهم بأن أولئك الشركاء المدعوين مع الله لا يستطيعون تقديم شيء لمن دعاهم، بل إنهم عاجزون عن نصرة أنفسهم فيما إذا اعتدى عليهم فكيف يسوغ دعاؤهم عند أصحاب العقول والفطر السليمة. يقول تعالى:{أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ. وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ. وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ. إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ. أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ. إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ. وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ. وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ}(الأعراف الآية: ١٩١-١٩٨) .
فهذه الآيات تضمنت الإنكار الشديد من الله تبارك وتعالى على المشركين الذين يعبدون مع الله غيره من الأنداد والأصنام والأوثان، إذ كيف يسوغ لمخلوق منحه الله العقل والسمع والبصر أن يعبد مخلوقاً مثله، مصنوع مربوب لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً ولا يملك من الأمر شيئاً. بل إن أكثر هذه المعبودات جماد لا تتحرك ولا تسمع ولا تبصر، وعابدوها أكمل منها بسمعهم وبصرهم وبطشهم، ولهذا قال: أيشركون به من المعبودات مالا يخلق شيئاً ولا يستطيع ذلك.. [٧] .