فهل يستطيع البشر أن يصلوا فلا يفتروا، وان يصوموا الدهر فلا يفطروا، ليس ذلك في استطاعتهم ولم يهيئوا لذلك. فالإنسان مركب من روح وبدن ولكل مطالبه.
وإنما معنى العبادة أوسع من ذلك وقد بينت الآية التالية شمولها وهي قوله تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}(الأنعام: الآية ١٦٤-١٦٥) .
ومن هنا يتضح شمول العبادة لأنواع كثيرة من أفعال العباد يصرفها كثير من الناس لغير الله ظناً منهم أن ذلك من المور الجائزة وهي من صميم العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله ومن ذلك:
١- الدعاء:
وقد نص الله تبارك وتعالى في كتابه أن الدعاء عبادة. قال تعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(غافر: الآية ٦٠) .
وقال تعالى حكاية عن إبراهيم عليه السلام:{وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيّاً فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلّاً جَعَلْنَا نَبِيّاً} مريم: (الآية ٤٨-٤٩) .
فقد بين الله في الآيتين أن الدعاء عبادة, ففي الآية الأولى, قال: ادعوني ... إن الذين يستكبرون عن عبادتي، فالعبادة هي الدعاء.
وقول إبراهيم: وأعتزلكم وما تدعون من دون الله ... فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله. فدعاء غير الله عبادة والعبادة لا يجوز صرفها لغير الله.