ونرى أن نبدأ أولاً بذكر التوسل المشروع، ثم نبين بعد ذلك وجهة الرد على الشبهة التي سبق ذكرها والتي لبس بها على كثير من الناس فنقول: إن التوسل المشروع هو:
١- التوسل بالإيمان بذات الله – {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} . فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوله: " اللهم اني أسألك بأنك أنت الله الذي لاإله إلا هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواٍ أحد "(١) .
٢- التوسل بالعمل الصالح - كما في قصة الثلاثة الذين آواهم الغار، فانطبقت عليهم صخرة، فكل واحد منهم دعا الله بعمله الخالص الذي قدمه لله تعالى وطلب منه أن يفرج عنهم ما هم فيه وهكذا دعا الثلاثة حتى أزيحت الصخرة عنهم فخرجوا يمشون.
٣- دعاء المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب، ولا فرق في ذلك بين الفاضل والفضول فقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من عمر بن الخطاب أن يدعو له، بل والمسلمون يدعون له ويطلبون له الوسيلة دائماً.
٤- إذا توسمت في شخص ما أنه من أهل الصلاح والتقوى، وأحببت أن يدعو لك جاز لك ذلك فتطلب منه أن يدعو الله وأنت تؤمن على دعائه.
هذه الأنواع هي الأنواع المعروفة في هذا الباب وعمل بها سلفنا الصالح. أما تلبيس إبليس وأعوانه على الناس بأنهم عصاة والله يتقبل من المتقين فلا بد من واسطة، وهم يقولون هذا عند التوجه إلى الأضرحة والطلب من أصحابها ما لا يقدر عليه إلا الله فهذه مغالطة:
فالمشركون دعوا الله مباشرة بدون واسطة واستجاب الله دعاءهم. {دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ فَلَمَّا أَنْجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}(يونس الآية ٢٣,٢٢) .
وأبليس نفسه دعا ربه مباشرة بدون واسطة جبريل أو غيره من الملائكة ممن لم يعص الله وأجيب.