ولما انتهى موسى عليه السلام من مناجاة ربه جل وعلا سأله سبحانه وتعالى عن سبب العجلة ومجيئه وحده دون أن يكون معه قومه، فأجاب موسى: هم أولاء على أثري، وعجلت إليك رب لترضى، فأخبره الله تبارك وتعالى بما كان من الفتنة من بعده في بني إسرائيل وعبادتهم العجل الذي عمله لهم ذلك السامري، فرجع موسى إلى قومه غضبان أسفا على ما صنعه قومه من بعده {أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً} .
وهذا الاستفهام:{أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً} يفيد التقرير والتوبيخ.
التقرير على معنى الإخبار أي قد وعدكم الله تبارك وتعالى وعدا حسنا، أما التوبيخ فتوبيخ موسى لقومه على مخالفتهم ما يستوجبه هذا الوعد الحسن، وكانت هذه المخالفة بعبادتهم العجل وتصديق ما قاله السامري من أن هذا العجل هو إلههم وإله موسى على حين كان واجبا عليهم أن يقيموا على ما تركهم عليه موسى من الإيمان بالله تعالى وعبادته وحده لا شريك له.
(يعدكم)(يعد) فعل مضارع مجزوم بلم وعلامة جزمه السكون على آخره، وهذا الفعل يأخذ مفعولين والضمير (كم) هو المفعول الأول مبني على السكون في محل نصب، أما المفعول الثاني فمحذوف، وقد اختلف العلماء في تقديره، فمنهم من قدره (أن يعطيكم التوراة) ومنهم من قدره (الوصول إلى جانب الطور اليمن) ومنهم من قدره (أن يسمعكم كلامه) ومنهم من قدره (المغفرة عمن تاب وعمل صالحا) .
(ربكم)(رب) فاعل مرفوع، و (كم) ضمير في محل جر بالإضافة، (وعدا حسنا)(وعدا) مصدر منصوب على أنه مفعول مطلق، و (حسنا) صفة لهذا المصدر، ويجوّز بعضهم أن يطلق الوعد ويراد به الموعود فيكون هو المفعول الثاني، وجملة {أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً} في محل نصب مفعول به لقال {قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً} .