(شرح أسماء الله الحسنى)[٢] . وكأن نص ما قاله ما يأتي:
أعلم أن (هو) اسم موضوع للإشارة، وهو عند الصوفية إخبار عند نهاية التحقيق، وهو يحتاج عند أهل الظاهر [٣] إلى صلة تعينه ليكون الكلام مفيداً، لأنك إذا قلت: هو ثم سكتَّ, فلا يكون الكلام مفيداً حتى تقول: هو قائم أو قاعد، أو هو حي أو هو ميت وما أشبه ذلك.
فأما عند القوم [٤] فإذا قلت هو، فلا يسبق إلى قلوبهم غي ذكر الحق فيكتفون عن كل بيأن يتلونه لاستهلاكهم في حقائق القرب باستيلاء ذكر الله على أسرارهم وأنمحائهم عن شواهدهم فضلاً عن إحساسهم بمن سواه [٥] ، وكأن الإمام أبو بكر بن فروك رضي الله عنه يقول: هو حرفأن هاء وواو فالهاء تخرج من آخر الحلق وهو آخر المخارج والواو تخرج من الشفة وهو اول المخارج، فكأنه يشير إلى ابتداء كل حادث منه وأنتهاء كل حادث إليه وليس له ابتداء ولا أنتهاء، وهو معنى قوله سبحأنه (هو الأول والآخر) ،فقوله:(هو الأول) : إخبار عن قدمه، وقوله (الآخر) إخبار عن استحالة عدمه ". [٦]
ثم قال القشيري: " وقد حكى عن بعضهم أنه قال: رأيت بعض الوالهين، فقلت ما اسمك؟ فقال: هو، قلت من أنت؟ فقال: هو، قلت: من أين جئت؟ فقال: هو، قلت: من تعني بقولك: هو؟ فقال: هو، فما سألته عن شيء إلا قال: هو. فقلت: لعلك تريد الله، قال: فصاح وخرجت روحه [٧]" ثم قال القشيري: " وقال أهل الإشارة [٨] : أن الله تعالى كاشف الأسرار بقوله: هو، وكاشف القلوب بما عداه من الأسماء، وقيل كاشف المحبين بقوله: هو، وكاشف المُتَيَّمينَ بقوله: الله، وكاشف العلماء بقوله: أحد، وكاشف العقلاء بقوله: الصمد، وكاشف العوام بقوله:{لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ} ، وقيل: كاشف الخواص بإلهيته، وكاشف خاصة الخاصة بهويته ... الخ " [٩] .