حينما نستعرض نقدات الرسول الكريم التي وجهها إلى الشعر والشعراء، نلاحظ أن الجوانب الدينية والمعاني الإسلامية كانت المحور الأساسي، لنقد الرسول الكريم، ولعلنا نستطيع أن نرى هذا المقياس بوضوح في النقدات الآتية:
روي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "أصدق كلمةٍ قالها شاعر قول لبيد [٦] : ألا كل ما خلا باطل".
ونلاحظ من هذا الحكم الذي حكم به الرسول صلى الله عليه وسلم على قولة لبيد أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد رأى فيها ما يتسق مع الروح الإسلامية، ويترجم عن وحي الإسلام.
وحينما ينشده النابغة الجَعدي [٧] قصيدته التي مطلعها:
خليلَيّ عُوجا ساعة وتهجَّرا
ولُوما على ما أحدَث الدهر أو ذرا [٨]
يُعجب الرسول هذا الشعر، وحينما يبلغ قوله:
بلَغْنا السماءَ مجدُنا وجدودُنا
وإنا لنرجو فوقَ ذلك مَظهرا
يظهر الغضب في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم، ويقول للنابغة: "إلى أين أبا ليلى؟ " فقال: إلى الجنة، فيقول الرسول - وقد اطمأن إلى أنه حين عبّر بمجد جدوده المتطاول قد انتهى إلى التطلع في ظل الإسلام إلى ما هو أعظم -: "نعم إن شاء الله".
ويمضي النابغة قائلا:
ولا خير في حِلمٍ إذا لم تكن له
بوادرُ تحمي صَفوَه أن يُكدَّرا
ولا خير في جهل إذا لم يكن له
حليمٌ إذا ما أورد الأمر أصدرا
فيزداد ارتياح الرسول الكريم إلى ما يسمع من وحي الروح الدينية، ومن التوجيه الخلقي الرشيد، ويقول له: "لا يَفضُض الله فاك" [٩] .
ويطرب الرسول لشعر كعب بن زهير حين يمدحه بقصيدته التي مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
متيم إثرها لم يفد مكبول
وحين يبلغ كعب قوله:
إن الرسول لنور يستضاء به
مهند من سيوف الهند مسلول
مهند من سيوف الهند مسلول
يصلح له الرسول قوله هذا ويجعله:
................................