اعتبار علماء الحنفية أن وقت إنشاء نية الصوم لا ينتهي بطلوع الفجر بل يستمر إلى ما قبل الزوال؟ إنما يرجع لحديث عائشة رضي الله عنها " دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شيء فقلت: لا. قال: فإني صائم , ثم أتانا يوماً آخر , فقلت يا رسول الله أهدى لنا حيس , فقال: " أرينه فلقد أصبحت صائما " فأكل "[٢] .
لكن الفرق شايع بين إنشاء النية في صوم واجب كرمضان وبين إنشائها في صوم التطوع , فإن النية في صيام رمضان يجب أن تكون من طلوع الفجر وتستمر إلى غروب الشمس قال تعالى:{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}(البقر: الآية ١٨٧) . فأوجب تعالى الإمساك للصوم من طلوع الفجر.
وبما أن صيام رمضان واجب فإن الإمساك من طلوع الفجر فيه واجب..
وهذا بخلاف صوم التطوع؟ فإنه مبني على المسامحة , فقد سئل مجاهد عن المعنى المراد من حديث عائشة رضي الله عنها فقال: ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها رواه مسلم في صحيحه , وقد جاء هذا القول مرفوعاً متصلا بحديث عائشة المتقدم عند النسائي عن طريق مجاهد أيضاً [٣] ..
أما القول بأن النية في صيام رمضان لا بد أن تكون من طلوع الفجر فهو يتمشى مع صريح القران الكريم {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} - ومع ما جاء في الحديث الشريف من رواية حفصة رضي الله عنها " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له "[٤] قال صاحب التحفة: وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان وقال الحاكم في الأربعين: صحيح على شرط الشيخين , وقال في المستدرك: صحيح على شرط البخاري , وقال الدارقطني: رواته كلهم ثقات , وصحح البخاري والنسائي وقفه على ابن عمر. [٥]