وإذا تساوى القولان من هذه الناحية؟ ف إ نه ينظر إلى الآثار المروية عن الصحابة رضي الله عنهم, إذ هم قريبو العهد بالتنزيل وأدرى بمواقع النصوص. فقد روى البيهقي بسنده إل ى ابن عباس رضي الله عنهما في رجل أدركه رمضان وعليه رمضان آخر؟ قال يصوم هذا ويطعم عن ذاك كل يوم مسكينا ويقضيه..
كما روى أيضا بسنده إلى أبي هريرة: أنه قال: في رجل تتابع عليه رمضانان ففرط فيما بينهما , يصوم الذي حضر ويقضي الآخر ويطعم لكل يوم مسكينا [٣٢] ...
والواقع أن الموقف الذي اتخذه جمهور الفقهاء هنا بالتفرقة بين شخصين: أحدهما شغل عن القضاء بالسفر أو المرض حتى أدركه رمضان الآخر فجعلوه معذورا يكتفي منه بالقضاء فقط. والآخر الذي كانت لديه فسحة من الوقت ولم ينتهزها وفرط في القضاء ولم يهتم بالإسراع لأداء الواجب الذي شغلت به ذمته حتى وافاه رمضان الآخر , فأوجبه عليه الإطعام مع القضاء لرمضان الأول. هذا الموقف يتفق مع النصوص الشرعية ولا يتعارض معها , وهو وإن لم يكن فيه نص صريح في الموضوع لكن نصوص الشريعة متوافرة في التفرقة بين المحسن والمسىء وقد قال صلى الله عليه وسلم فيمن منع زكاة ماله:" إنا آخذوها وشطر ماله عزمة من عزمات ربنا عز وجل ... " الحديث [٣٣] .
الحكم فيمن شغل عن القضاء حتى مات
من سافر وأخذ بالرخصة فأفطر ولم يقض ما عليه حنى مات: له حالتان:
الحالة الأول: من اتصل عذره بالموت:
المسافر الذي أخذ بالرخصة فأفطر واستمر في سفره حتى مات أو عاد من سفره ولكن لم تتح له الفرصة للقضاء فاستمر مشغولا بالمرض أو غيره حتى مات , فيرى أهل العلم بما يشبه الاجماع , أنه لا شئ عليه ولا يصام عنه ولا يطعم , لقوله تعالى:{لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا َّ وُسْعَهَا}(البقرة: الآية ٢٨٦) .