فعن علي كرم الله وجهه: أنه كان مع عمه حمزة وكان له شارفان (ناقتان مسنتان) أراد أن يجمع عليهما الإذخِر. وهو نبات طيب الرائحة - مع صائغ يهودي ويبيعه للصواغين ليستعين بثمنه على وليمة فاطمة رضي الله عنها - عند إرادة البناء بها -.
وكان عمه حمزة يشرب الخمر مع بعض الأنصار ومعه قينة تغنيه فأنشدت شعراً حثته به على نحر الناقتين. وأخذ أطايبهما ليأكل منها. فثار حمزة وقطع أسنمتها وأخذ من كبديهما فلما رأى علي ذلك تألم ولم يملك عينيه وشكا حمزة إلى النبي صلى الله عليه وسلم - فدخل النبي صلى الله عليه وسلم. على حمزة ومعه علي وزيد بن حارثة. فتغيظ عليه
وطفق يلومه - وكان حمزة ثملا احمرت عيناه. فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له ولمن معه:" وهل أنتم إلا عبيد لأبي ".
فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه ثمل. نكص على عقبيه القهقرى وخرج هو ومن معه.
هذه هي آثار الخمر حينما تلعب برأس شاربها وتفقده وعيه ولهذا أطلق عليها الشرع أم الخبائث.
ومما يروى من آثار الخمر. أن قيس بن عاصم المنقري كان شراباً لها في الجاهلية ثم حرمها على نفسه. وكان سبب ذلك أنه غمز عكنة ابنته وهو سكران. وسب أبويه ورأى القمر فتكلم بشيء وأعطى الخمار كثيرا من ماله فلما أفاق أخبر بذلك وحرمها على نفسه وفيها يقول:
رأيت الخمر صالحة وفيها
خصال تفسد الرجل الحليما
فلا والله أشربها صحيحا
ولا أشفى بها أبداً سقيما
ولا أعطى بها ثمنا حياتي
ولا أدعو لها أبداً نديما
فإن الخمر تفضح شاربيها
وتجنبهم بها الأمر العظيما
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل:
" الخمر أم الفواحش وأكبر الكبائر. ومن شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على أمه وخالته وعمته ".
- رواه الطبراني في الكبير من حديث عبد الله بن عمرو. وكذا من حديث ابن عباس بلفظ – " من شربها وقع على أمه ".