فهل زادت التراويح في المائة الثالثة إلى إحدى وأربعين ركعة أي عمل بأحد الأقوال المتقدمة. أم أنهم اعتبروا التسع والثلاثين تراويح وزادوا لها ثلاثاً فصارت إحدى وأربعين كما تقدم بحث هذه المسألة في أول الكلام على عدد الركعات في زمن عمر بن عبد العزيز وزمن مالك رحمه الله على كل فإن الستة والثلاثون مؤكد وجودها والباقي بين تتمة التسع والثلاثين أو الإحدى والأربعين.
المائة الرابعة والخامسة والسادسة
عادت التراويح في تلك الفترة كلها إلى عشرين ركعة فقط بدلاً من ست وثلاثين كالسابق.
لأن المنطقة كلها أي منطقة الشرق الأوسط بل من مصر والحجاز والعراق قد شهدت اضطراباً شديداً بسبب نزاع العبيديين مع العباسيين.
وقد بدأ حكم العبيديين في مصر سنة ٣٥٩ تسع وخمسين وثلاثمائة أي في منتصف المائة الرابعة، وظل منبر الحجاز مؤرجحاً بين العباسيين في العراق والفاطميين في مصر حوالي مائتي سنة إلى أن توفي آخر خليفة عبيدي سنة ٥٦٧ سبع وستون وخمسمائة أي منتصف القرن السادس.
وباستيلاء الفاطميين على الحجاز تغيرت الأوضاع تغيراً شديداً، ولاسيما من جهة الأمن، والسنة وظهور البدع لأنهم لم يكونوا على مذهب أهل المدينة آنذاك.
قال ابن جبير في رحلته وقد وصل المدينة سنة ٥٨٠ ثمانين وخمسمائة وصور ما شاهده من بدع هؤلاء آنذاك في المدينة، ملخصة من رحلته سنة ١٧٩ قال: "وفي يوم الجمعة وهو السابع من محرم سنة ٥٨٠ شاهدنا من أمور البدع أمراً ينادي له الإسلام يا لله يا للمسلمين، وذلك أن الخطيب وصل للخطبة وصعد منبر النبي صلي الله عليه وسلم وهو ما يذكر على مذهب غير مرضي وكان ضد الشيخ الإمام (العجمي) الذي كان ملازما لصلاة الفريضة في المسجد المكرم فالإمام الراتب على طريقة من الخير والورع لائقة بإمام مثل ذلك الموضع الكريم.