واشتدت مخافة المسلمين على مقدساتهم الدينية. خاصةً لما أحدثه الصليبيون في طريقهم من حوادث شنيعة.
فقد أحرق الصليبيون نحو ستة عشر مركباً للمسلمين. وأذوا عند عيذاب مركباً يأتي بالحجاج من جدة، ومركبين آخرين كانا مقبلين بتجار وبضائع من اليمن، وأحرقوا أطعمة كثيرة على ساحل عيذاب. كانت معدة لمسيرة مكة والمدينة، هذا فضلاً عن حوادث القتل والأسر والتنكيل والإرهاب التي ارتكبوها في البر والبحر [١٤] .
وكان الأخ سيف الدين بمصر، قد عمر مراكب، وفرقها على الفرقتين، وأمرها ان تطوى وراءهم الشقتين [١٥]
فقد بعث السلطان صلاح الدين إلى أخيه ونائبه بصر الملك العادل ابي بكر بن أيوب بتعمير الأسطول في مصر والإسكندرية. وقام العادل على تنفيذ تعليمات السلطان صلاح الدين خير مقام. فسافر إلى السويس بعد أن عهد إلى قائد الأسطول الشيخ حسام الدين لؤلؤ بحل المراكب مفككة على الجمال إلى تلك المدينة. وهناك أشرف على تركيبها في رمضان ٥٧٨ هـ= يناير سنة١١٨٣ م وتعميرها بالرجال ذوي التجربة في شئون البحر وبخاصة المغاربة منهم.
ثم ي أتي وصف المعركة، فقد فرق لؤلؤ الأسطول إلى فرقتين. فصارت الأولى إلى قلعة أيلة’ واسولت على مراكب العدو برمتها، وقتلت اكثر مقاتلاتها إلا من تعلق بهضبة من الهضاب، أو دخل في شعب من الشعاب، وأولئك اقتفى العربان آثارهم، والتزموا إحضارهم، فلم ينج منهم الا القليل.
أما الفرقة الثانية فذهبت إلى عيذاب، وأطلقت المأسورين من المسلمين، وردت عليهم ما سلب منهم، ولم تجد الصليبيين هناك، ثم رجع لؤلؤ إلى رابغ، وأدرك بعض الصليبيين معتصمين بساحل الحوراء [١٦] , وكان عددهم ثلاثمائة ونيف رجل , انضم إليهم عدة من العربان , وعندما لحقهم لؤلؤ فرت العربان خوفا من سطوته , والتجأ الصليبيون إلى رأس جبل صعب المرتقى , وركب عشرة من المسلمين ورائهم خيل العرب [١٧] , يقتنصونهم أسرى وقتلى.