وخلاصة القول أن في المعري كسابقه جوانب أخرى فيها الكثير من الخير المحض البناء , فمن الشطط لا الغلط أن نكب على استخراج المعاول الهادمَة من أدب هذا القلِقِ لنضعها في أيدي المراهقين من طلابنا المساكين! .
٣- أحمد شوقي: كثيراً ما يتيه المؤلفون في الحديث عن هذا الشاعر المعاصر ,وبخاصة عندما يتناولون شعره القومي والسياسي.. أهو شاعر عربي؟ أهو شاعر مصري؟ أهو شاعر إسلامي؟! .. ومرد ذلك كله إلى النزعة القومية المتطرفة التي تستحوذ على ذهن المؤلف , فهو مدفوع بهذه النزعة إلى اعتبار القومية العربية _ منفصلة عن الإسلام _ هي المقياس الخلقي والفكري الذي به تحدد شخصية الرجل. والأفضل من ذلك والأصح أن تدرس الفكرة القومية على أنها شذوذ عن طبيعة الروح الإسلامي , الذي كان مسيطراً على توجيه الشعور الاجتماعي في سائر أنحاء الوطن المسلم حتى أواخر أيام شوقي , وكما هي الحال الآن إذا انبعثت الروح الإسلامية من جديد تكافح لاستعادة سلطانها بعد إخفاق الفكرات القومية الغالية , فعادت تطبع الأدب المعاصر في كثير من مظاهره البارزة.
ومن العبث الفصل في الدراسة بين شوقي المسلم وشوقي المصري وشوقي العربي ,فشوقي شاعر الإسلام لا شاعر القومية , وشاعر المسلمين جميعاً لا شاعر العروبيين وحدهم , وعلى ضوء هذه الحقيقة يمكن تفسير كل هذه التطورات التي تفضي ألوانها على شعر شوقي , بما في ذلك اللون الشرقي الذي يكثر ذكره في تضاعيف إنتاجيه , فليس الشرق في نظر شوقي إلاّ وطن الإسلام , فإذا هو قال:
نصحت ونحن مختلفون داراً
ولكن كلنا في الهم شرق
وإذا قال: كان شعري الغناء في فرح الشرق , وكان العزاء في أحزانه