وأما المعاملة التي يسمونها في البنوك الإسلامية بيع مرابحة فهي تختلف عما قدمنا شكلاً وموضوعاً ونية وقصداً، فإن البنك لا يملك السلعة والمشتري الذي يلجأ إلى البنك لا يقصد خدمة البنك في أن يشتري له وإنما يلجأ إلى البنك من أجل المال لأنه ليس لديه مال حاضر وهو يريد شراء سلعة ما (أرضاً مثلاً أو سيارة) فيأتي إلى صاحب الأرض (البائع الحقيقي) ويتفق معه على السعر ثم يذهب إلى البنك الإسلامي ويقول له اشتروا لي هذه الأرض الفلانية ويوقع معهم عقدا يسمونه (وعد بالشراء) . ثم يذهب موظفوا البنك ويحضرون البائع ويتفقون معه على أن يبيعوا له بثمن أكثر نسيئة أعنى إلى أجل ويسمون هذه (الدورة الطويلة) بيع مرابحة.
أوجه تحريم هذه المعاملة:
(أ) قصد الربا:
ولا شك أن هذه المعاملة ليست من البيع والشراء في شيء فإن المشتري الحقيقي ما لجأ إلى البنك إلا من أجل المال، والبنك أيضاً لم يشتر هذه السلعة بقصد أن يبيعها بأجل إلى المشترى وهذه المقاصد لا يستطيع أحد أن يكابر فيها.
(ب) بيع ما لا يملك.
ولاشك أيضاً أن البنك الإسلامي عند ما يأتيه مشتر ويقول: اشتر لي السلعة الفلانية فإن البنك يساومه على البيع ويشترط عليه إذا اشتراها له أن يشتريها بربح كذا وكذا، وهنا يكون البنك قد باع ما ليس عنده. وقد جاءت النصوص بتحريم ذلك بل إجماع الأمة كلها على هذا كما قال ابن قدامة في المغنى:"ولا يجوز أن يبيع عيناًَ لا يملكها ليمضي ويشتريها ويسلمها رواية واحدة"أحمد بن حنبل "وهو قول الشافعي، ولا نعلم فيه مخالفاً لأن حكيم بن حزام قال للنبي صلى الله عليه وسلم:"إن الرجل يأتيني فيلتمس من البيع ما ليس عندي فأمضي إلى السوق فأشتريه ثم أبيعه منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تبع ما ليس عندك "(ا. هـ ص ١٥٥ ج ٤ المغنى) .