للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومرة ثانية نقول شتان بين النظرية والواقع لقد قامت البنوك الإسلامية لتمارس الإقتصاد الإسلامي ولو فعلت هذه حقيقة في مجال هام كالتجارة لقلبت أوضاع السوق رأساً على عقب، ومن ذلك أنها كان يمكن أن تكسر احتكار المحتكرين، وأن تكتفي بالربح القليل تيسيراً على عامة الناس وأن تشجع صغار التجار، وأن تقلل من السماسرة، وأن ترخص الأسعار حتماً لأنها ستقضي على أرباح البنوك الربوية التي تأخذها من التجار في مقابل التمويل ولكنها للأسف لم تفعل شيئاً من ذلك، وإنما جعلت من نفسها بنوكاً ربوية جديدة حيث تأخذ فائدة من التاجر الذي يشتري منها وبذلك تزيد ثمن السلعة على المستهلك ولو مارست هي التجارة رأساً وتحملت مخاطرها لحذفت من تكاليف السلعة هذه الزيادة الربوية ولكانت كلفة السلعة هي: ثمن الشراء + مصاريف النقل والتخزين والعرض + الربح، وأما تكلفة السلعة الآن فهي: ثمن الشراء من المصدر + تكاليف النقل والتخزين والعرض + فائدة البنك الإسلامي + ربح التاجر.

وهكذا وضعت البنوك الإسلامية نفسها موضع الوسيط الطفيلي الذي يضمن الربح عن طريق تمويل التجار بدلاًَ من أن تكون هي التاجر المسلم الحقيقي الذي يبتغى من فضل التاجر ويخاطر بماله في البر والبحر وينفع عباد الله.

وبعد فلقد حاولت جهدي أن أشرح هذا الموضوع بلغة سهلة واضحة لتقوم الحجة على عموم الناس. وذلك لخطورة هذا الأمر فقد أهلك الله طائفة من بنى إسرائيل ومسخهم قردة وخنازير لتحايلهم على أكل الحرام. وهذا البيع الذي يسمون بيع المرابحة هو من المحرم قطعاً لما أسلفنا وأرجو أن أبرئ ساحتي أمام الله وأكون قد بلغت. وأقول اللهم أشهد.