ومن ذلك الحين عزمت على زيارة هذه الأراضي في أقرب وقت ممكن. فلما أشرفت السنة الدراسية على نهايتها ذهبت إلى السفارة النرويجية في الرباط، وسألتها عن الأراضي القطبية التي لا تغيب فيها الشمس بضعة أشهر، فأخبروني أن الأمر كذلك، وأن هناك نواحي تابعة للحكومة النرويجية تبقى الشمس فيها مشرقة مدة ثلاثة أشهر من أول مايو (أيار) إلى آخر يوليو (تموز) فتأهبت للرحلة وتوجهت من مكناس في سيارتي يسوقها الحاج أحمد هارون في اليوم الثاني من يوليو، وسرنا متوكلين على الله من مكناس إلى تطوان، ثم عبرنا البحر من سبتة إلى الجزيرة الخضراء، ثم سرنا عبر إسبانيا ففرنسا فألمانيا، فالدانمارك، فالسويد فالنرويج، وتركنا السيارة في مدينة (أوسلو) عاصمة النرويج، وركبنا القطار والسيارات مدة يومين، فوصلنا مدينة (ناروك) ، وشاهدنا الشمس مشرقة مدة أربعة وعشرين ساعة.
أوقات الصلاة في الأراضي القطبية
كنت عازما قبل أن أصل إلى تلك البلاد أن أصلي خمس صلوات في مدة اثنتي عشر ساعة، ثم أترك الصلاة اثنتي عشر ساعة، فتكون خمس صلوات في أربع وعشرين ساعة.
فلما وصلت إلى تلك البلاد تغير رأيي، وظهر لي أن تُتبَع أوقاتُ الصلاة في تلك البلاد الأراضي الجنوبية من البلاد النرويجية، فيصلي المصلي صلاة الصبح وقت طلوع الفجر في الجنوب، ويصلي الظهر حين تزول الشمس في الجنوب، وهكذا الشأن في جميع الصلوات، بناء على قاعدة:"ما قرب من الشيء يعطي حكمه"، وكذلك يفعل الصائم في رمضان إذا جاء في وقت الشمس، أو في وقت الظلام.