للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولاحظت أيضاً: كما لاحظ من معي أن الشمس في نصف الليل تكون قريبة من الأرض كأنها تريد أن تغيب، لكنها لا تغيب، بل تأخذ في الارتفاع وتدور في السماء، فتشكل دائرة من نصف الليل إلى نصف الليل. قال الله تعالى في سورة الحج: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} فأخبر سبحانه وتعالى أن السير في الأرض يزيد في العقل والعلم المكتسب بالتجارب، وقل ربي زدني علماً.

وهناك في تلك الناحية قبائل بدوية تسكن الخيام، ولها ماشية، وهي الأيائل، وهي نوع من الحيوان يشبه الظباء، إلا أنها أكبر منها، وقرونها متشعبة -كالأشجار- يحلبونها ويأكلون لحومها، وينتفعون بجلودها. ولا يستطيع شيء من سائر الحيوان كالبقر والغنم أن يعيش في تلك البلاد غير الأيائل، لشدة بردها، وكثرة ثلوجها، ولتلك القبائل لباس خاص.

وسمعت أنهم وثنيون، لا يدينون بالنصرانية التي يدين بها أهل تلك البلاد، ولا أعلم مقدار هذا الخبر من الصحة، وليس هذا الجو خاصاً بشمال النرويج، بل يعم كذلك شمالي السويد.

وقد علمت أن من أراد أن يشاهد الأراضي القطبية التي في شمال السويد يستطيع أن يسافر إليها بالقطار.

أما مدينة ناروك التي تقدم ذكرها فقد سافرنا إليها من (أوسلو) ، بعض المسافة بالقطار، وبعضها بالسيارة، وكنا في كل بضع ساعات نجتاز خليجاً من خلجان البحر، بمعدّية، وهي باخرة كبيرة، تدخلها السيارات، فتبقى فيها نصف ساعة أو أكثر حتى تصل إلى البر، فتخرج السيارة منها وتستأنف سيرها.

وقد رأيت القطار نفسه يعبر البحر في معدّية بين ألمانيا الشرقية والدانمارك في مدة ساعتين. وتلك المعدّية الضخمة عظيمة الحجم، ذات ثلاث طبقات، يصعد إلى الطبقة العليا بالمصعد الكهربائي.