وينتقل إلى وصف كتاب الخليفة فيشبهه بالقرآن الكريم، وأن السلطان يتقبله بالخشوع، ويتلوه على أعوانه مسترهفاً به لعزائمهم. مستجزلاً به لمغانمهم، فهو بمثابة النور لهم يهديهم يوم نزال عدوهم، ويشبه تأثيره بثلاث جمل مترادفة تؤدي معنى واحداً، فأثر الكتاب فيهم، كااإقتداح في الزند، وكالانبجاس من الصلد، وكالاستدلال من الغمد [٣٠] ويعود إلى التشبيه ثانية فيقول: "وكأنما أعطوا كتاباً من الدهر بالأمان، أو سمعوا منادياً ينادي للإيمان"[٣١] . ثم يتبع ذلك بعدة استعارات وكنايات مترادفة يبين فيها مكانة أتباع السلطان في الجهاد في سبيل الله ورسوله وخليفته العباسي وفي آخر هذا الوصف يقول:"وإذا رموا فأصابوا قالوا: ولكن الله رمى"[٣٢] . محللاً بذلك لآية من القرآن الكريم.
ثم هو يشكو للخليفة على لسان السلطان صلاح الدين من طول المدة والكلف الثقيلة التي يتكبدونها في قتالهم الشرس المرير، ويكنى عن ذلك بهذه العبارات:"فالبرك قد أفضوه، والسلاح قد أخفوه، والدرهم قد أفنوه"[٣٣] . ويستنجد بالخليفة فيقول:"والخادم يناشد الله المناشدة النبوية في الصيحة البدرية، اللهم إن تهلك هذه العصابة، ويخلص الدعاء، ويرجو على يد أمير المؤمنين الإجابة"[٣٤] .
ونرى القاضي الفاضل يحل حديثاً نبوياً، ليزيد عبارته حسناً في الأداء، وجمالاً في تأدية المطلوب، بعقد مقارنة لطيفة بين دعاء النبي صلى الله عليه وسلم، ودعاء السلطان صلاح الدين.